أوفدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لجنة مركزية في زيارة غير معلنة إلى المركز الاستشفائي الجهوي محمد الخامس بطنجة، ضمن مهمة تفقدية تندرج في إطار مواكبة تنزيل النموذج الجديد للمجموعة الصحية الترابية، في سياق يتسم بتصاعد الانتقادات الموجهة إلى مستوى الخدمات الصحية داخل عدد من المرافق العمومية.
وشملت الزيارة، التي تمت دون إشعار مسبق لإدارة المستشفى، أقسامًا حيوية مثل المستعجلات، والولادة، وطب الأطفال، فيما لم يصدر عن الوزارة حتى مساء الأربعاء أي بلاغ رسمي بشأن نتائج التفقد أو خلاصات المهمة الرقابية، التي طالت أيضًا مستشفيات في بني ملال وفاس ومراكش وأكادير.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ بدء تفعيل النموذج الهيكلي الجديد للمجموعات الصحية الترابية، الذي اختيرت جهة طنجة تطوان الحسيمة لتكون أول مجال تطبق فيه هذه التجربة، في إطار الإصلاح المرتبط بتوسيع ورش الحماية الاجتماعية.
ويُفترض أن يُفضي هذا النموذج إلى إرساء تنسيق مؤسساتي فعال بين مختلف مكونات المنظومة الصحية الجهوية، بما يعزز النجاعة في التسيير ويُحسن ولوج المرتفقين إلى العلاجات، في أفق معالجة الاختلالات التي راكمها النظام السابق.
لكن انطلاقة المشروع تواجه، بحسب فاعلين في القطاع، تحديات بنيوية أبرزها ضعف التأطير القانوني، والنقص الحاد في الموارد البشرية، وتفاوت التجهيزات والبنيات التحتية بين أقاليم الجهة.
ويُخشى، وفق نفس المصادر، أن تتحول التجربة إلى مجرد إعادة تموقع إداري لا ينعكس فعليًا على جودة الخدمات، إذا لم تواكبها وسائل عملية وإطار تنظيمي دقيق يُحدد الصلاحيات ومسارات التنزيل.
ويُعد المركز الاستشفائي الجهوي محمد الخامس أحد أكبر المرافق الصحية التابعة للوزارة بالجهة، سواء من حيث عدد المرتفقين أو طبيعة الحالات التي يستقبلها، خاصة في ظل الضغط المتزايد على المؤسسات الجهوية.
ويأتي هذا المستشفى في موقع تكاملي مع المركز الاستشفائي الجامعي لطنجة تطوان الحسيمة، الذي يتمتع بوضع قانوني خاص كمؤسسة عمومية ذات طابع استشفائي، وتكويني، وبحثي، ما يطرح تحديات إضافية على مستوى التنسيق والموارد.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن مهمة التفقد الأخيرة تحمل دلالة مزدوجة: فهي من جهة تندرج ضمن سياسة المتابعة الميدانية التي تنهجها الوزارة، لكنها من جهة أخرى تُعيد طرح السؤال حول مدى قدرة النموذج الجديد على تجاوز أعطاب الحكامة، وتحقيق التكامل الفعلي بين المؤسسات الصحية داخل الجهة.
ورغم الأهمية الرمزية لهذه الخطوة، فإن غياب التواصل الرسمي بشأن نتائجها، أو بشأن الإجراءات التي قد تترتب عنها، يعيد النقاش حول محدودية المقاربة التجزيئية في إصلاح القطاع، مقابل الحاجة إلى رؤية متكاملة تنطلق من الواقع وتستند إلى أدوات ملموسة للتنزيل والتقييم.
ويُرتقب أن تُشكل جهة طنجة تطوان الحسيمة، بصفتها أول مجال يُطبق فيه النموذج، اختبارًا فعليًا لقدرة الدولة على تفعيل إصلاح بهذا الحجم، بما يحمله من رهانات مالية، ومؤسساتية، ومجتمعية.